{قَالُواْ} استئنافٌ كما سبق أي قالَ الرُّؤساء أو القُرناء {بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} أي لم نمنعكُم من الإيمانِ بل لم تُؤمنوا باختيارِكم وأعرضتُم عنه مع تمكُّنِكم منه وآثرتُم الكفرَ عليه {وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مّن سلطان} من قهرٍ وتسلُّطٍ نسلبكم به اختيارَكم {بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طاغين} مُختارين للطُّغيانِ مُصرِّين عليه {فَحَقَّ عَلَيْنَا} أي لزمنا وثبتَ علينا {قَوْلُ رَبّنَا} وهو قولُه تعالى: {لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} {إِنَّا لَذَائِقُونَ} أي العذابَ الذي وردَ به الوعيدُ {فأغويناكم} فدَعوناكم إلى الغيِّ دعوةً غيرَ مُلجئةٍ فاستجبتُم لنا باختيارِكم واستحبابِكم الغيَّ على الرُّشدِ {إِنَّا كُنَّا غاوين} فلا عتبَ علينا في تعرُّضِنا لإغوائِكم بتلك المرتبةِ من الدَّعوةِ لتكونُوا أمثالنا في الغوايةِ. {فَإِنَّهُمْ} أي الأتباعُ والمتبُوعينَ {يَوْمَئِذٍ فِى العذاب مُشْتَرِكُونَ} حسبما كانُوا مشتركينَ في الغواية {إِنَّا كَذَلِكَ} أي مثلَ ذلك الفعلِ البديعِ الذي تقتضيهِ الحكمةُ التَّشريعيَّةُ {نَفْعَلُ بالمجرمين} المتناهينَ في الإجرامِ وهم المُشركون كما يُعرب عنه التَّعليلُ بقولهِ تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ} بطريقِ الدَّعوةِ والتَّلقينِ {لاَ إله إِلاَّ الله يَسْتَكْبِرُونَ} عن القبولِ {وَيَقُولُونَ أَءنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ بَلْ جَاء بالحق وَصَدَّقَ المرسلين} ردٌّ عليهم وتكذيبٌ لهم ببيانِ أنَّ ما جاء به من التَّوحيدِ هو الحقُّ الذي قام به البُرهان وأجمعَ عليه كافَّةُ الرُّسلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ فأينَ الشِّعرُ والجنونُ من ساحتهِ الرَّفيعةِ {إِنَّكُمْ} بما فعلتُم من الإشراكِ وتكذيبِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والاستكبارِ {لَذَائِقُو العذاب الاليم} والالتفاتُ لإظهارِ كمالِ الغضبِ عليهم. وقرئ بنصبِ العذابِ على تقديرِ النُّون كقولهِ:ولا ذاكرُ اللَّهَ إلا قليلاً ***وقرئ: {لذائقونَ العذابَ} على الأصلِ.